قلب الرجل.. كم امرأة يتسع؟
هو رجل في الخامسة والثلاثين من عمره، تزوج منذ سبع سنوات من فتاة طيبة تمت له بصلة قرابة من بعيد، حسده الجميع على زواجه بها، هو كان رجلاً عملياً بحكم عمله كمحاسب قانوني، وحين قرر أن يتزوج أملى صفات ومواصفات زوجة المستقبل على أمه.
وكانت طلباته كالتالي: جمال متواضع، ربة بيت ممتازة، شهادة جامعية لا تعمل بها مستقبلاً، وبالطبع سمعة جيدة وعائلة طيبة. واجتهدت أمه باختيار العروس، والتي سرعان ما أصبحت أماً لثلاثة أطفال، وسارت الحياة على وتيرة واحدة يذهب هو لعمله صباحاً، ويعود بعد الظهر ليجدها قد أعدت له طعام غدائه وتبلغه «بنشرة أخبار الدار»، ثم ينام قيلولته؛ ليقضي الأمسيات أمام التلفاز استعداداً ليوم آخر من العمل.
تسونامي
لا ينكر الأستاذ جميل أنه أحب زوجته سميحة تلك وأحب العشرة معها وحياته مع أطفاله، ولكن فجأة شعر بتغير يحدث في حياته حين وفدت تلك الموظفة للمكتب الذي يعمل به، كانت موظفة جديدة وبمواصفات جديدة أيضاً، أحدثت تسوماني في مشاعره، وعلم أنها مطلقة، ورأى بأم عينه أنها امرأة مختلفة أيضاً، جمالها كان خارقاً، أزياؤها جريئة في احتشام، شخصيتها قوية، تفرض حضورها في كل مجلس، تعرف كل شيء وتتحدث في كل شيء، وتناقش في كل شيء، ويداها تعملان كل شيء، تدق المسامير في درج مكتبها، تصلح الصنبور الذي انفجر في وجهها في الحمام الصغير الملحق بالقسم، تعد قهوتها بنفسها ولا تنتظر الساعي، وتعمل كآلة، وتضحك كوردة تتفتح ذات فجر.
وهي العبارة التي وصف بها ضحكتها في سره وهو يراقبها وبذات الوقت يقع في حبها حتى أذنيه، إلى أن يجد نفسه لا يطيق البعد عن هذا الكائن المتحرك النشط الملم بكل شيء، وزاد إعجابه بها حين رآها أمام البناية تتشاجر مع شاب عاكسها، وظل يراقبها ويحبها، ولكنه بدأ يتغير في بيته ويستعجل ساعات العمل.
بين نارين
اكتشف أنه يحبها ولكنه يحب أيضاً تلك المرأة القابعة في بيته، والتي تحول البيت لجنة صغيرة تتجدد يومياً، بينما كانت الأخرى تكشف كل يوم خصلة جميلة فيها، ووجد نفسه يعقد مقارنة بينها وبين زوجته القابعة في البيت دون أن يشعر، تخيلها تمسك شاكوشاً لتدق مسماراً لساعة الحائط التي وقعت أرضاً، وضحك في سره فهي لا تعرف الجهة التي يوضع بها المسمار في الحائط، ورآها بعين خياله تتصل بأمها لتسألها عن المسمار ذي الطرفين، أو تلبس «العفريتة» وتنحني لتغيير «استبن» سيارتها، وليس كما تفعل حين تتركها على ناصية الطريق، وتتصل به في هلع ألف مرة لينقذها.
من الصعب أن تتحول زوجته لذلك الكائن الذي يملأ مكتبه بكل الخبرات، ولا يتخيل ذلك الكائن زوجته التي تنام بتكاسل أمام شاشة التلفاز، ويسقط الريموت أرضاً عندما تنام على الكنبة وهي تنتظره. إنها ربة بيت بحاجة لرجل يشعرها بضعفها كما يفعل هو باستمتاع، أما تلك المرأة فهي امرأة بألف رجل حين تريد، وأنثى طاغية الأنوثة حين تريد.
الاعتراف
اعترافه بحبه لها بينه وبين نفسه جعله يفاتحها بعد ستة أشهر، ولكنها لم ترد عليه بحرف واحد، وهذا ما زاد حيرته، وعزم على قراره وفي حال رد تلك المرأة عليه، سيتزوجها. إنه يحبهما معاً، ولا يستطيع أن يعيش بعيداً عن كلتيهما، إنه يدمنهما، ويعتبر أن من حقه أن يجمعهما في بيتين مستقلين يتمتع بحسنات كل واحدة على حدة.
أناني واستحواذي
تحلل الاختصاصية النفسية اعتماد محمود أسعد نفسية الأستاذ جميل، بقولها: الرجل بطبعه يبحث عن الكمال، وهو أناني واستحواذي، والشرع حين حلل التعدد فقد راعى نفسية ذلك الكائن بدقة، فهو إذا ما اشتهى امرأة انقلبت حياته حتى ينالها، والمرأة إن أحبت صبرت وتحملت وأخلصت لرجل واحد هو زوجها ووالد أطفالها، حتى بكل عيوبه وليس مميزاته، مشكلة الأستاذ جميل الاختيار الخاطئ، فرجل متفتح مثله كان بحاجة لأن يختار شريكته بنفسه، ولا يترك أمه تختار، الذكورية واضحة لديه، حتى في إصراره على الاستحواذ على المرأة الثانية، لكنه لو فكر جيداً ربما تراجع عن قراره؛ لأنها مطلقة بمعنى أن ثمة رجلاً مثله لم يستطع العيش مع هذا النوع من النساء ذات الشخصية المستقلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق