الجمعة، 4 يناير 2013

الشيخ سالم عبد الجليل : جعلوني " إدارياً " .. فاعتزلت العمل الحكومي

الشيخ سالم عبد الجليل : جعلوني " إدارياً " .. فاعتزلت العمل الحكومي


أسئلة كثيرة تفرض نفسها حالياً فيما يخص النشاط الدعوي منها : هل هناك نية لتهميش دور الأزهر ؟، وهل ينوى الإخوان المسلمون السيطرة على الأزهر و وزارة الأوقاف ؟، وما السر فى حركة التنقلات التى شملت كبار قيادات و رجال الدين فى مصر ؟ وسنحاول خلال حوارنا مع الداعية الإسلامي الدكتور سالم عبد الجليل الإجابة عن هذه التساؤلات ، خاصة وأنه كان يشغل منصب وكيل أول وزارة الأوقاف لشئون الدعوة قبل أن تشمله حركة التغييرات الأخيرة بالوزارة . تصوير : أميرة عبد المنعم
حركة التنقلات التى حدثت لقيادات و رجال الأوقاف وأنت واحد منهم .. هل هى مقصودة فى سبيل التخلص من كل ما هو تابع للنظام السابق ؟
لا أستطيع أن أجزم بذلك ، و لكن من الطبيعى أن كل وزير جديد يأتى بمساعديه الذين يرى أنهم الأكثر فهما و تنفيذا لسياساته التى تنطبق مع استيعابه للأمور  ، ومما لا شك فيه ان الدكتور طلعت عفيفى وزير الأوقاف الحالى هو رجل فاضل و عالم جليل نحسبه من المخلصين ، ولديه وجهة نظر و سياسة محددة تتماشى مع الظروف التى تمر بها البلد فى الوقت الراهن ، فضلا عن توافقها الى حد بعيد مع سياسة الحكم الإسلامى ، لذلك فأنا أرى أن ما حدث معى و مع بعض كبار علماء الأزهر هو أمر طبيعى وفقا لتصور البعض أن من هم محسوبون على المرحلة السابقة قد يخالفون سياسة الحكم الحالى أو يعطلونها ، وبالتالى كان من الطبيعى أن يصدر قراراً  بنقل هذه القيادات الى أماكن أخرى ، والحمد لله أننى نقلت على نفس درجتى من وكيل أول وزارة الأوقاف لشئون الدعوى الى نفس المنصب و لكن فى وظيفة إدارية ، و لكن للأسف هناك بعض القيادات نقلت على درجة اقل مثل الدكتور شوقى عبد اللطيف الذى نقل من وكيل أول وزارة الأوقاف الى مستشار و هذا الأمر كان يستدعى تبريرا و توضيحا من وزير الأوقاف .
ألا ترى أن وجهة نظرك و تحليلك للأمر يبدو مثالياً إلى درجة كبيرة ؟
ليس مثالىاً بقدر ما هو واقعى ، فيبدو ان هناك رغبة فى عدم وجود أى قيادة تنتمى الى المرحلة السابقة ، و أنا أعتقد أنه مطلب سياسى، و ربما ظهر هذا فى كلام الوزير نفسه عندما اعتذر للبعض ممن تم نقلهم ، و أنا لا أرى مشكلة بالنسبة لى لأنى رجل علمى و أكاديمى حصلت على الدكتوراه فى الدعوة الإسلامية التى أعمل بها منذ أكثر من 20 سنة لذلك رفضت استلام الوظيفة الجديدة لأنى لست إداريا  و قررت أن أعتزل العمل فى الحكومة لأننى مدرك تماما اننى لو انغمست فى العمل الإدارى سوف أنسى نفسى كداعية ، فالشيخ الغزالى لا يعرفه الناس سوى داعية و لم يذكر أحد انه كان مديرا فى وزارة الأوقاف ، و أنا أحسب أن التاريخ سيذكرنى كداعية و ليس مديرا  .
إذا كان الأمر كذلك فلماذا قبلت منصبا فى الوزارة من الأساس ؟
ما لا يعرفه الناس عنى اننى جئت الى الوزارة من الأساس كعقوبة و ليس إثابة ، فعندما أراد أمن الدولة ان يعاقبنى عام 2002 بعدما ذاع صيتى فى الإمامة بمسجد " قاهر التتار " بمصر الجديدة وأسست مدرسة كبيرة و كان يحضر لى كل جمعة أكثر من 10 آلاف للاستماع لخطبتى حتى وصل الأمر الى ان صلّى خلفى فى رمضان أكثر من 200 ألف مصل لدرجة انهم أغلقوا مصر الجديدة بشوارعها و ميادينها ، وكان خطابى ينتمى الى الفكر الوسطى المعتدل ، وطلبوا منى إما أن أسافر الى الخارج كما حدث مع عمرو خالد و عمر عبد الكافى فى هذا التوقيت بالتحديد ، و عندما رفضت فكرة السفر من أساسها كانت النتيجة ان أمن الدولة طلب منى أن أجلس فى بيتى و لا أذهب الى المسجد حتى مصليا ، ثم انتدبت للعمل فى مكتب وكيل الوزارة للدعوة ، و لم تمر ستة أشهر حتى استطعت أن أظهر قدراتى العلمية عندما ألفت كتاباً عن كيفية تجديد الخطاب الدينى ، ومن هنا كلفت بالإشراف على الإدارة العامة لبحوث الدعوة و تدرجت فى المناصب حتى وصلت لمنصب وكيل أول وزارة الأوقاف لشئون الدعوة .
ألا تري ما حدث معك ضمن محاولات لربط الدين بالسياسة ، أو بمعنى أصح استغلال الدين لصالح تيار سياسى بعينه ؟
إن كنت تقصدين تدخل من الإخوان المسلمين فدعينى أقول لك:إن عقلاء الإخوان أبدا لن يرضوا بهذا ، فتلك الجماعة نشأت على المحبة و المودة و التسامح و هم ليس لهم دين غير الإسلام الذى نعرفه ، حتى الشيخ البنا رحمة الله عليه كتب هذا عندما قال ليس عند الإخوان إسلام جديد وانما إسلامنا هو إسلام المسلمين جميعا و بالتالى فلا يوجد أى داع للقلق من حكمهم ، و لكن المشكلة ان بعض رجال الإخوان و التيارات الإسلامية يرون انه لابد ان تقحم السياسة فى الدين دون أى حساسية، و أنا ضد هذا الفكر حيث إننى أرى أن الدين شأن عام ينظم حياتنا و دخولنا و خروجنا و كل ما هو كبير و صغير فى شأننا العام اما السياسة بتعريفها الدقيق و هو " فن تحقيق الممكن بغض النظر عن الوسيلة " و هذا أمر لا شأن له بالدين لأن تلك الوسيلة قد تكون مشروعة او غير مشروعة و هذا ما يرفضه الدين الذى لا يأمر بأى شىء بعيدا عن الضوابط الأخلاقية و من هنا فلا يمكن ربط الدين بالسياسة .
ما تعليقك على تصريح صفوت حجازى عندما ظهرت مذيعة محجبة فى التليفزيون المصرى فقال: " لقد شعرت ان الإسلام دخل مصر " ؟
كل إنسان يتكلم من خلال وجهة نظره و ثقافته و لابد ألا ننكر أن ثقافة بعض ابناء التيار الإسلامى تنطلق من أن السياسة و الدين وجهان لعملة واحدة و الأخطر انهم يرون ان الدين قبل ان يكون جوهرا هو مظهر، و يحكمون على الناس من خلال المظهر و الذى قد يكون أهم من الجوهر فى بعض الأحيان ، وربما ان الشيخ صفوت حجازى قال تصريحه من هذا المنطلق .
و ماذا عن بعض مشايخ السلفيين الذين اصبحوا ينصبون أنفسهم حراسا على باب الجنة و يتكلمون عن كل من هو غير سلفى باستعلاء غير مقبول بالمرة .. فهل هذا من جوهر الدين ؟
الشيخ سيد قطب رحمه الله ألف كتابا عن هذا الموضوع تحت عنوان " الاستعلاء الإيمانى " والمقصود هنا هو شعور المؤمن بأنه عزيز بعزة الله سبحانه و تعالى له حتى لو كان ضعيفا فقيرا ذليلا، و لكن ما يحدث من البعض هو انه يحول هذا الاستعلاء إلى تكبر فهذا لا يليق لأنه لا أحد يعرف من أفضل ممن، و لا أحد يعرف بما سيختم لنا فقد يختم للإنسان الكافر بالإيمان، و  للمؤمن بالكفر و النبى عليه الصلاة و السلام ذكر أن أحدكم قد يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه و بينها سوى ذراع فيكتب عليه الكتاب عملا من عمل أهل النار فيدخلها و العكس و بالتالى فإن أهل الإيمان الحقيقى عندهم خوف و قلق من خاتمة الله عليهم بسوء و لا يشعرون إطلاقا بالتكبر و الاستعلاء على الخلق حتى لو كانوا كفارا لأنهم يدركون انه لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر و الرسول كان من أكثر الناس تواضعا حتى انه قال:" لن يدخل أحدكم عمله الجنة فقالوا حتى انت يا رسول الله قال و لا انا إلا ان يتغمدنى الله برحمته " أى انه لا يوجد فينا من يضمن الجنة مهما كان عمله و درجة إيمانه أى أن العمل مهم لنيل رحمة الله و لكنه لن يكون السبب لدخولها لذلك أنادى على كل أبناء التيار الإسلامى و هم فى زهوة الانتصار أن يكونوا أكثر تواضعا .
بصراحة هل هناك خطة أو اتجاه لتهميش الأزهر ؟
لو كان على الإخوان المسلمين فلا أظن على الإطلاق ان هناك اتجاه او خطة مسبقة لديهم لتهميش دور الأزهر خاصة ان هناك كثيرا من الأزهريين ينتمون إلى التيار السلفى او الإخوانى و لكن ما يغلب عليهم فى النهاية هو الفكر الوسطى المعتدل، أما قصة تهميش دور الأزهر فقد بدأت بعد ثورة يوليو 1952 و هذا التهميش كان خطة وضعها اللورد كرومر عندما جاء الى مصر كمندوب بريطانى ثم أرسل تقريرا عن مصر قال فيه: إنها بلد يصعب هزيمتها مادام فيها الأزهر، و بقيت تلك الخطة معطلة حتى جاء جمال عبد الناصر لينفذها بعناية لتبقى السلطة السياسية  الحاكمة هى صاحبة الكلمة العليا .
لماذا لم يحقق علماء الأزهر نفس النجاح الذى حققه عمرو خالد و معز مسعود و غيرهم ؟
دعينا نؤكد على أن الخطاب الدينى منتج كلما وفرنا له الإمكانيات كان أكثر نجاحا و هذا ما حدث مع عمرو خالد و معز و مصطفى حسنى و غيرهم و أعتقد أنه لو توافرت لرجل الأزهر ربع إمكانيات عمرو خالد لحقق أضعاف نجاحه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق